الأمان - الأمان اللبناني بقلم قاسم قصير

22 تموز 2020
في محاولة جديدة لتشكيل جبهة معارضة لبنانية فاعلة للعهد والحكومة ، انطلق في الاسبوع الماضي في بيروت إطار عمل سياسي جديد تحت اسم : ” الجبهة المدنية الوطنية” ، ضم عشرات الشخصيات اللبنانية الداعية لتغيير الواقع اللبناني وتشكيل حكومة مستقلة بديلة عن حكومة الدكتور حسان دياب ، وتم الاعلان خلال ذلك عن مشروع سياسي متكامل للاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري، كما جرى تحديد بعض الخطوات العملية لتفعيل التحركات الشعبية المناهضة للحكومة وكيفية تفعيل التحرك الشعبي الذي بدأ في 17 تشرين الاول من العام الماضي.

فماهي ابعاد ودلالات اطلاق الجبهة المدنية الوطنية؟ ومن يقف وراء هذه الجبهة ؟ وما هي خطة عملها؟ وهل ستنجح هذه الجبهة في تحقيق الاهداف التي وضعتها ثورة 17 تشرين الاول الشعبية؟

من هي الجبهة ومن يقف وراءها وما هو مشروعها؟

بدأ العمل لإطلاق الجبهة المدنية الوطنية من خلال سلسلة لقاءات بين عدد من الشخصيات التي شاركت في الحراك الشعبي الذي بدأ في 17 تشرين الاول الماضي ومن خلال مبادرة أطلقها ” ملتقى التأثير المدني” والذي يضم شخصيات اقتصادية واجتماعية متنوعة ومن عدد من مؤسسات المجتمع المدني ، كان الهدف تأطير وتنظيم الجهود للحراك الشعبي المعارض للعهد والحكومة والعمل لتنظيم التحركات الشعبية ووضع مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي منظم لهذه التحركات. ومن ابرز الشخصيات التي شاركت في انطلاقة الجبهة : المستشار الاقتصادي الدكتور سامي نادر، الدكتور انطوان قربان ، العميد المتقاعد خالد حمادة، الوزير السابق ابراهيم شمس الدين ، الناشط السياسي عماد قميحة وغيرهم من الشخصيات الاعلامية والاقتصادية والسياسية والاكاديمية والضباط السابقين. وحددت الجبهة اهدافها بالنقاط التالية: وضع خطة انقاذية وطرح رؤية سياسية- اقتصادية قابلة للحياة، تنفيذ الاصلاحات المطلوبة على الصعيد الاقتصادي، تنظيم انتخابات نيابية مبكّرة مع اقرار نظام انتخابي يحقق العدالة في التمثيل ويعالج الثغرات في ادارة الانتخابات، وضع برنامج تنفيذي لمحاربة الفساد واسترجاع الاموال المنهوبة وتكريس استقلالية القضاء، اقرار نظام للحماية الاجتماعية ومعالجة هموم اللبنانيين في مجال الصحة والتعليم وضمان الشيخوخة.

واما عن أليات التحرك التي ستقوم بها الجبهة فحددت كالتالي: الاستمرار في التصعيد التدريجي لخطوات الثوار اعلاميا وسياسيا ودبلوماسيا ، تفعيل التنسيق والحوار بشكل مستمر لبلورة المواقف والمقاربات الواحدة لكافة المواضيع المالية والاقتصادية والاجتماعية، متابعة حثيثة للواقع السياسي ورصد تصرفات السلطة وموقف الاطراف منها واصدار المواقف المناسبة، الدفع في تشكيل حكومة مستقلة تتمتع بصلاحيات استثنائية تعمل لتنظيم انتخابات نيابية مبكرة وتنفذ الاصلاحات الاقتصادية.

هل تنجح الجبهة وقوى المعارضة في مهامها؟

لكن هل ستنجح هذه الجبهة وبقية القوى المعارضة الناشطة اليوم في مواجهة العهد والحكومة في تحقيق اهدافها؟

الملاحظ انه خلال الاشهر الاخيرة برزت عدة محاولات لتنظيم قوى المعارضة السياسية والحزبية والشعبية بهدف الضغط على العهد والحكومة وتحقيق الاهداف التي رفعها الحراك الشعبي منذ 17 تشرين الاول الماضي ، لكن اهمية الجبهة المدنية الوطنية انها تتكون من شخصيات مستقلة غير حزبية وهي بعيدة عن الاحزاب التقليدية، وان كان قسم كبير من المشاركين في الجبهة يلتقون مع اجواء لقاء قوى 14 اذار وان كانوا غير منظمين حزبيا ، وتحاول هذه الجبهة وضع اليات تنظيمية واسس للتحرك لاعادة تفعيل الحراك الشعبي في كافة المناطق، وان كان الغالب عليها الطابع الاقتصادي والاكاديمي والاعلامي ورجال الاعمال مع عدد من الضباط المتقاعدين والسابقين.

وفي مقابل هذا التحرك فان بقية الاحزاب المعارضة للعهد والحكومة مستمرة في العمل لتنظيم صفوفها واطلاق المبادرات للتغيير لكنها لم تنجح في تشكيل اطار سياسي موحد ، وهناك تباين واضح في الاهداف واليات العمل ، في حين ان المجموعات الشعبية التي تتحرك على الارض لم تستطع حتى الان تنظيم صفوفها ولا تزال تعتمد على العفوية وبعض الخطوات الشعبية الموضعية ، وليس هناك مشروع موحد يجمعها ، وكل مجموعة تتحرك وفقا لظروف واليات مختلفة عن المجموعة الاخرى.

من خلال هذه الملاحظات فان قوى المعارضة الشعبية والسياسية والمدنية والحزبية، ومنها الجبهة المدنية الوطنية لا تزال تعاني من الانقسامات والخلافات حول اليات العمل وكيفية تنسيق الخطوات المدنية، وان كانت هذه المحاولة الجديدة معنية في كيفية تحويل الاهداف التي وضعتها الى مشروع ميداني فاعل على الارض وعلى الصعيد السياسي.

فهل حان الاوان كي نشهد معارضة سياسية وشعبية فاعلة ومنظمة وبقيادة واضحة ومعلنة؟ ام ان الانقسامات والخلافات بين كل قوى المعارضة ستؤدي لفشل عملها واستمرار العهد والسطلة والحكومة في مواقعهم رغم الفشل الكبير في الاداء؟