أخبار اليوم - تحقيقات سياسة بقلم انطون الفتى

13 تموز 2020

بعد انتقادات كثيرة عصَفَت بانتفاضة 17 تشرين الأول منذ انطلاقتها، والتي كان من أبرزها أن لا قيادة واحدة وفعليّة لها. وبعد أداء متعثّر بعض الشيء لشارع الإنتفاضة منذ مدّة، الذي لم يتحرّك بالقوّة المُفتَرضَة رغم مساس الحكومة بالخطوط الحمراء المتعلّقة برفع سعر ربطة الخبز، يبدو أن بصيصاً من الأمل بدأ يلوح في الأُفُق.

فيوم الأربعاء القادم، سيتمّ إطلاق “الجبهة المدنية الوطنية“، وهي عبارة عن تجمّع يضمّ عدداً من المجموعات الناشطة في انتفاضة 17 تشرين الأول، بالإضافة الى عدد كبير من النّاشطين والأكاديميّين وأهل الرأي، ممّن يحملون ثوابت وأفكار الإنتفاضة.

متأخّرة؟

ربما تكون الخطوة متأخّرة بالنّسبة الى البعض. ولكنّ دقّة الأحداث قد تكون فرضت تأخير ظهور أي إطار محدّد يخرج عن الثورة. أما اليوم، ومع نضوج بعض المعطيات، صار لا بدّ من تنظيم العمل أكثر. ومن بين بعض المعطيات التي نضجت، وصول لبنان الى مرحلة حسّاسة جداً، ما بين ملامسة الإفلاس من جهة، والتخبّط في التعاطي الرسمي مع أزمة تفشّي فيروس “كورونا”، بموازاة وجود حكومة محاصصة، لم تقدّم أي إصلاح أو إنجاز ذات تأثير، فيما بات السّير بالإصلاحات أكثر من ضرورة لإنجاح التفاوُض مع “صندوق النّقد الدّولي”، ولإثبات مصداقيّة الدّولة اللّبنانيّة تجاه المجتمع الدولي.

هذه التحدّيات مجتمعة، دفعت بناشطين يحملون ثوابت ثورة 17 تشرين الأول، الى الاتّفاق على إطلاق “الجبهة المدنية الوطنية”، رسمياً، بعد يومَيْن، في بيروت.

صيغة تعاوُن

عن أهميّة الجبهة وطبيعتها، تحدّثت مصادرها، فأشارت الى أنها “تشكّل هوية جامعة ضمن إطار تنسيقي، يحترم خصوصيات كلّ مجموعة وبرامجها السياسية، مع جَعْل المطالب الوطنية الكبرى قاسماً مشتركاً في ما بينها”.

وشرحت المصادر لوكالة “أخبار اليوم” أن “واقع الدولة المشلول، ومؤشّرات الإنهيار، وفَشَل الحكومة، وتداعيات الإفلاس، كلّها عوامل ساهمت في تكثيف الجهود لإيجاد صيغة تعاون وتنسيق لمراكمة مكاسب الثورة، والإنتقال بها إلى مرحلة جديدة من التنسيق والعمل الجماعي، بخطة وطنية جامعة، وببرنامج محدّد، يضمن الإنتقال بالبلاد إلى مرحلة التغيير”.

وأوضحت أنه “من أهمّ ثوابت “الجبهة المدنية الوطنية”، تأكيد استمرار ثورة 17 تشرين الأول، وخصوصاً مطلب تشكيل حكومة مستقلّة، وإجراء انتخابات حرّة ونزيهة، وبناء قضاء مستقلّ. بالإضافة الى الدّفع باتّجاه تنفيذ إصلاحات بنيوية وقطاعية وتعزيز الحوكمة السليمة، مع التشديد على أولوية التمسُّك بالسيادة الوطنية، واحترام الشرعية الدولية، وحَصْر قرار السّلم والحرب بيد السلطات اللّبنانية”.

إصلاحات هيكلية

وعن أولويات الجبهة، شدّدت المصادر على “ضرورة الدّفع باتّجاه تشكيل حكومة مستقلّة بصلاحيات إستثنائية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وفق قانون يحقّق عدالة التمثيل، بالإضافة الى إنجاز خطة إقتصادية إنقاذية حقيقية، تُراعي ما وصلت إليه حالة مؤسّسات الدولة، والمالية العامة للدولة أيضاً. فضلاً عن أهميّة الدّفع باتّجاه السّير بالإصلاحات الهيكلية المطلوبة في أي برنامج إنقاذ إقتصادي، من خلال معالجة ملفات التهريب والتهرّب الضريبي، وتطوير القطاع المصرفي، وحلّ أزمات الكهرباء والنفايات”.

ووفق المصادر، فإن الجبهة ستكون بمثابة إطار مشترك يظلّل مكوّنات الثورة على قاعدة إعلاء المصلحة العامة فوق الإعتبارات الخاصة”.

وختمت:”الثورة تستحق التضحيات، ورفع مستوى التعاون والتنسيق بين الحريصين على التغيير، وذلك مع قيام كلّ مجموعة أو مكوّن بالحفاظ على استقلالية عمله ونشاطه السياسي”.

قالب عملي

“الجبهة المدنية الوطنية” تنطلق بعد يومَيْن، فهل تكون الخطوة الأولى لوضع نجاح انتفاضة 17 تشرين الأول، ضمن قالب عملي؟

الجواب ينتظر مرحلة ما بعد إطلاقها، وشكل التعاطي معها من قِبَل السلطة، وما إذا كانت بعض الأطراف السياسية ستفضّل الجلوس الى طاولة الحلّ اللبناني، أم ستختار الحلّ الأسهل الذي يقوم على الإستمرار بطمر الرؤوس في رمال “شيطنة” الثورة والثوّار والإصلاح!…