النهار - مجتمع ومناطق

22 حزيران 2020
عشية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف في لبنان وتشتدّ، يصعب اغفال دور الاعلام في تظهير الحلول والوقوف إلى جانب مطالب الثورة والثوار. ولهذا الأمر، نظّم ملتقى التأثير المدني، لقاءه الالكتروني التاسع حول دور الاعلام في زمن الثورة، ليسأل: أين يقف الاعلام بين نقل الحدث بتعقيداته كافة ودوره الأساسي؟ وهل هو فعلاً “سلطة موازية” هدفها الدفاع عن الحقوق والحريات؟ وما هي مسؤولياته المستقبلية لدعم هذه الثورة؟

في البداية، توقّف المجتمعون عند نقطتين رئيسيتين تتناولان الأولويات اللبنانية. الأولى تتعلّق بما يرشح عن تعثّر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يبدو أنها لم تتسّم بالجدية المطلوبة من الجانب اللبناني، خصوصاً مع المواقف الأخيرة للأحزاب الرئيسة النافذة والداعمة للحكومة، التي تشي بأننا أمام مناورة ديبلوماسية لا مفاوضات مع صندوق النقد.

أما النقطة الثانية، فهي التعبئة لصالح ما يسمى مفاهيم “الكرامة الوطنية” و”نموت جوعا من أجل الكرامة”… فسأل المجتمعون عمّا تبقى من كرامة الفرد والكرامة الوطنية؟ من دون أن ننسى التعدّي على ملكية الفرد ومستقبل أبنائه. ومن هنا، جاء عنوان الحلقة حول دور الاعلام في مخاض الثورة التي نعيشها منذ 17 تشرين الأول، تلك الصفحة المجيدة في تاريخ لبنان.

في الوقائع والحقائق، تقاطعت مواقف المجتمعين حول النقاط التالية:

مواضيع ذات صلة
اللقاء الالكتروني العاشر لملتقى التأثير المدنيّ… “انسداد في المشهد العام” و”لطرح بدائل”

ملتقى “التأثير المدني”: الخرق المنشود في المشهد السياسي والاقتصادي
– الثورة والاعلام صنوان سارا معا لتحقيق المرحلة التاريخية للانتفاضة.

– الاعلام كان السيف الاقوى في يد الثورة للوصول إلى الرأي العام اللبناني ثم العربي والدولي.

– التواصل بين الثوار من خلال الاعلام، الكلاسيكي والحديث، أوجد قاعدة واسعة للثورة تجاوزت الحدود الجغرافية، وأصبح الفضاء الخارجي الساحة الأساسية لها.

– من خلال وسائل الاعلام، تحوّلت الثورة من التحرّك المحدود إلى الحراك الوطني الواسع، فعمّت مختلف المناطق اللبنانية، متجاوزة الحواجز الطائفية والمناطقية. كما جمعت الاضداد من خلال هذا التأثير الايجابي ترويجا ونقلاً للاهداف والمطالب.

– الثورة التكنولوجية جعلت من كل مواطن وسيلة اعلامية متنقلة، وربما الربيع العربي لم يحصل لولا الاعلام الجديد أو البديل.

– دور الاعلام البديل كان أساسياً في الثورة. فحين كانت وسائل الاعلام التقليدية تتوقف عن التغطية كانت الأولى تشكّل غطاءً ودرع حماية للثوار، خصوصاً خلال المواجهات مع القوى الأمنية.

– ساهم الاعلام في صناعة الثورة في البداية ثم تكبير حجمها تباعاً.

– فتح الفضاء أمام الثورة أوجد الحماس الشعبي، وحقق اجماعاً وطنياً حولها.

– الاعلام لعب دورَ صلة الوصل بين الساحات ونقل ماذا يجري بينها، ومن خلال ما كان يُنقل في لحظته كان الثوار يتفاعلون (مثال تفاعل الناس لحظة استشهاد علاء ابو فخر).

في سلبيات الاعلام، توقف المجتمعون عند الحقائق التالية:

– تفاوتَ دور وسائل الاعلام في الثورة بين محطة وأخرى.

– وسائل الاعلام أعطت قيادات الثورة مساحات اعلامية لم تساهم في تقريب وجهات النظر بين الثوار ولم تساعد في بذل الجهود المطلوبة لتشكيل قيادة موحدة للثورة، تضع صيغة برنامج سياسي موحد، يكون بمثابة مؤشر أساسي لتوحيد توجهات الثورة.

– في العلاقة بين الثورة والاعلام، أعطي الهواء في بعض المناسبات بشكل عشوائي من دون مراعاة النوعية والمهنية، فأُسيء إلى بعض التحركات وشُوهت الثورة ما أدى إلى تورطها في بعض النزاعات.

– ما نراه على الشاشات في بعض المواقف كان يختلف عمّا كان يحصل على الأرض وذلك بسبب تبعية بعض وسائل الاعلام إلى رموز السلطة.

– في أكثر من مناسبة، تعرضت الثورة للاجهاض بواسطة الاعلام رغم محافظتها على طابعها السلمي والوطني والحضاري.

في التوصيات، أجمع المشاركون على النقاط التالية:

– على الاعلام التفكير في العمل بأساليب مختلفة لأن لا ثورة بلا اعلام، ولأن تسخيف الاعلام لبعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية وفضائح الفساد أوصل لبنان إلى هذه الأزمة الكبيرة، وبالتالي هو من يتحمل المسؤولية.

– التوجّه إلى ورشة عمل جديدة ونهج جديد، بما يتخطى إطار التوصيف وينطلق إلى صناعة الرأي العام الحقيقي، وذلك من أجل نقل المجتمع من حالة التلقي إلى حالة التفكّر.

– جمع الثوار قد يكون صعباً، لكن تعزيز الثقافة السياسية أمر جيد لتطويق الانقسامات في صفوف الثورة.

– التأكيد على ضرورة التمييز بين الاعلام التقليدي (صحف، راديو، وتلفزيون) والاعلام الحديث (المواقع الأخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي) لأنّ الأمور تبدّلت مع الوقت بسبب المصالح. فوسائل الاعلام جزء من النظام السياسي وتربطها به علاقات ومصالح (حصل ذلك خلال الانتخابات واكتمل المشهد في ثورة 17 تشرين).

– تعقدت مهام الاعلام بسبب استفحال الأزمات، فبات من واجبه إنقاذ البلد كله وليس الثورة فحسب.

– تعزيز الاعلام الوطني الذي نفتقده، لان كل وسيلة تابعة لفئة أو لطائفة تعرض الأمور من وجهة نظرها، خصوصاً أنّ الوقت مؤاتٍ لذلك في ظل الثورة.

– الاستفادة من الاعلام الجديد أو الحديث لجعل منه رافعة أساسية لدعم الثورة.

– الاعلام مطالب بتسليط الضوء بشكل مكثف على الحلول خصوصاً أنّ هذه الحلول لا تطرحها قوى السلطة، فيما التحديات كثيرة في ظل الازمة الاقتصادية.

– جعل مسألة الدفاع عن الحريات قضية الاعلام الاولى.