اللواء - لبنان - نقطة وسطر بقلم نون

16 تموز 2020
بارقة أمل جديدة أضاءت بعض زوايا الظلام المُهيمن على الوضعين السياسي والاقتصادي في البلد، ظهرت أمس من خلال إعلان «الجبهة المدنية الوطنية»، التي تضم عدداً من فصائل ومجموعات انتفاضة ١٧ تشرين، في إطار تنسيقي هو الأول من نوعه، منذ اندلاع الشرارة الأولى في ذلك اليوم المجيد.

البيان التأسيسي الذي اتّخذ شعاراً «من أجل لبنان»، ركّز على مطالب الانتفاضة الأساسية، من انتخابات نيابية حرة ونزيهة وديموقراطية، وتحقيق استقلال القضاء، ومكافحة الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة، وتنفيذ الإصلاحات البنيوية وإنهاء نظام المحاصصة، وتعزيز الحوكمة في إصلاح السياسة النقدية وإعادة ترتيب القطاع المصرفي.

ويبدو أن القائمين على تشكيل هذه الجبهة قد تعمّدوا تجاوز المطالب التقليدية المعروفة للانتفاضة، بإضافة بندٍ سيادي جديد يستند إلى إعلان بعبدا، ويؤكد «التشبث بالسيادة اللبنانية بكل مقوماتها، واحترام قرارات الأمم المتحدة، وحصر قرار الحرب والسلم في يد السلطات اللبنانية، والأمن بالقوات العسكرية الشرعية، والنأي بلبنان عن صراعات الإقليم».

وتنص «ثوابت» البيان التأسيسي على التمسك باتفاق الطائف ومندرجاته في تثبيت مسار الدولة المدنية وإلغاء الطائفية وتكريس سلطة القانون، وتحصين الحريات وتأمين تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون.

أهمية الإعلان عن ولادة «الجبهة المدنية الوطنية» في خضم دوامة الضياع والعجز التي يتخبّط فيها الحكم، وخفوت صوت الثوار في الشارع، تكمن في إنتاج أول محاولة جدية لتجسيد كيان واضح لانتفاضة ١٧ تشرين، رغم الاعتراف بأنها لن تكون الجبهة الوحيدة، وحرصها على إبقاء الباب مفتوحاً أمام انضمام الفصائل والشخصيات الأخرى، الناشطة في رحاب الانتفاضة، والمؤمنة بحتمية الإصلاح والتخلص من شراهة أطراف المحاصصات، وإنقاذ البلد من أسوأ أزمة في تاريخه الاستقلالي.

ظهور الجبهة الوليدة يوفر زخماً مفقوداً لمسيرة الانتفاضة، التي بقيت أسيرة التشتت وغياب التنسيق بين مكوناتها، وفشلت في طرح شعاراتها في إطار برنامج سياسي واضح، وقادر على الحفاظ على الاستقطاب الجماهيري الواسع الذي أحاط بالانتفاضة في أشهرها الأولى.

إذا صفيت النوايا، وتلاقت الإرادات، وتعاضدت العزائم، نكون فعلاً أمام ولادة جديدة لانتفاضة ١٧ تشرين!