النهار - لبنان- سياسة

26 حزيران 2020

عشية التخبّط الذي يظهره الوفد اللبناني في المفاوضات مع وفد صندوق النقد الدولي، والتضارب في الأرقام بين مصرف لبنان والحكومة، عقد ملتقى التأثير المدني لقاءه الإلكتروني العاشر بعنوان “الانسداد في المشهد العام”، متوقفاً عند غياب التدابير الحكومية الجدية لوقف النزف، ومستهجناً ما يسمى “سياسات الدعم” التي أظهرت أنها لم تكن سوى سند لـ”النيو – اقطاع” السياسي الاقتصادي الذي تكرّس في العقدين الأخيرين، ونزيف لما تبقى من قدرات اللبنانيين وأموالهم، وسط عجز يوحي أن السلطة لا تملك أدنى فكرة عن المفاهيم البدائية في علم الاقتصاد.

في الوقائع والحقائق، أجمع المشاركون على أنّ “المؤسسات الدستورية هزيلة وسلوكها يشوبه الاخفاق في إيجاد حلول للأزمة، ولاسيما مع غياب دور رئاسة الجمهورية “الحكم” بين الأطراف، وتراجع دور مجلس النواب “الممثل الأول للشعب”، وتحوّل مجلس الوزراء إلى “كاتب عدل” يصادق على قرارات قلة من الزعماء، ويأتمر بأمرهم”، واعتبروا أنّ “السلطة اسقطت شرعية البرلمان حينما أحاطت بـ”جدار الفصل” وسط بيروت، فانفصلت بارادتها عن الشعب وعن الثورة، واسقطت شرعيتها. أما الحكومة فبلغت افقاً مسدوداً وهي محاصَرة ومقاطَعة من الداخل والخارج، من دون أدنى امكانية للقيام بأي تعبئة دولية لمساندة لبنان”، وأنّ “انعدام الثقة الدولية في لبنان وكذلك انهيار الثقة الداخلية بين الشعب والسلطة، في ظلّ غياب تام لبوادر الاصلاح، أكان على صعيد الحوكمة أم على صعيد القضاء، وسط نزف مالي كبير بسبب ملف الكهرباء”، مؤكدين على أن “تبني الحلول الداخلية لن يؤمن الاستثمارات المطلوبة، لأن الاصلاح هو المدخل الوحيد للحل. وها هو ارتفاع سعر الدولار يسجل زيادات قياسية بلغت نحو 300% وهذا يعكس حجم التسارع في الانهيار الذي لم تشهده حتى ايران وفنزويلا، فيما السبب يكمن في غياب الثقة”.

وتابع اللقاء” استطاعت الثورة أن تفكك المنظومة السياسية والدليل على ذلك تخبط السلطة في ما بينها، وآخر تجليّاته التحضيرات للقاء بعبدا. لكن في الوقت نفسه، يجب الاعتراف ان الثورة غير قادرة على تغيير الوضع في غضون 6 أشهر، وبالتالي فإن التوقعات المتسرعة أدت إلى احباط الناس”، معتبراً أنّ “ارتفاع سعر صرف الدولار بمقدار 500 أو 1000 ليرة يومياً، ربما يتسبب بواقع أمني مستجد وخطر لا يخلو من الاعتداءات والسرقات/ وصولا الى ظهور قوى أمر واقع أو أمن ذاتي في المناطق، وأنّ خطر نضوب احتياط المصرف المركزي والذهاب نحو الانهيار التدريجي. ولا شك أن المواطنين يدركون ذلك ما يفسّر تهافتهم على ابواب الصرافين للحصول على الدولار من أجل حماية ما تبقى من القدرات الشرائية لرواتبهم ومدخراتهم”.

في التوصيات، أجمع المشاركون على أنّ “المطلوب طرح البدائل والسير بها سريعاً قبل بلوغ الانفجار الاجتماعي الذي بدأ يلوح في الأفق”، مؤكدين على أن “غياب الاصلاحات سيعني حكماً غياب الاستثمارات والمساعدات من الخارج… وبالتالي الانهيار”، مشددين على “العمل على تحرير القضاء من قبضة السلطة السياسية، وتظهير قانون انتخابات عادل، ينظّم إجراء الانتخايات النيابية المبكرة المفترضة، وعلى استقالة الحكومة وتشكيل أخرى تدير الأزمة، على أن تكون مصغرة وتتمتع بصلاحيات استثنائية”، داعين الى التكاتف بين مجموعات الثورة ضمن رؤية موحدة الى حين بلوغ موعد الانتخابات النيابية، وذلك من أجل تحقيق أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية. مع التحذير من الانتظار طويلاً إلى حين تشكيل جبهة ثورية موحدة، لأن ذلك سيعرّض الثورة إلى المزيد من المخاطر”. وأشار اللقاء إلى “خلق جبهات سياسية متجانسة، عبر إقرار أوراق سياسية ومالية تهيىء لبديل سياسي جدّي يفوز بالثقة الداخلية أولا ثم الثقة الخارجية. في حال فشل خيار تنظيم الثورة بشكل موسع، لا ضرر من الاستمرار بتنظيم انتفاضات صغيرة متفرقة تعتمد قضم المطالب”، مؤكداً “ضرورة رسم الأولويات ودراسة الخيارات القابلة للتنفيذ في إطار البحث الجدّي عن سبل ضبط سعر صرف الدولار”، مشدداً على “البحث بجدية إن كانت (اللامركزية الادارية) حل جيّد، لتفكيك (الألغام الطائفية) بين اللبنانيين ولصقل المواطنة الفعلية”.