تتوالى الأزمات على لبنان منذ نشأته، وكأنها قدره المحتوم، وآخرها الأزمة الحالية التي أخذت بعدًا اقتصاديًا واجتماعيًا ينذر بانهيار الهيكل على جميع مَن فيه. وهذا ليس سوى نتيجة تهالك نظام المحاصصة السائد، والذي هو وليد النظام الطائفي المولّد للأزمات.
وحدها الدولة المدنية تشكل المعبر نحو سلام لبناني مستدام، والضامن لحقوق الأفراد والمكوّنات على حد سواء. وقد أتى الدستور باصلاحات تعبّد الطريق امام قيام الدولة المدنية المنشودة، ووضع أسس إنماء متوازن ومستدام يراعي حاجات المواطنين في المناطق كافة. فقد فتحت المادة 95 من الدستور الباب لإصلاح النظام السياسي، وفصل الدين عن الدولة بشكل يحترم الخصوصيات الثقافية ويضمن الحريات العامة وعلى رأسها حرية المعتقد.
لا شك في أن المادة 95 تشكّل الإصلاح الأهم بل جوهر اتفاق الدستور الذي جاء لينهي حربا أهلية دامت خمسة عشر عاما، ويحدد معالم العبور الى الدولة المدنية، ويضع حدّا للأزمات والنزاعات الطائفية التي أنهكت قواه وشرّعت أبوابه للتدخلات الخارجية على حساب سيادته ووحدة أبنائه. ولا يغيب عن بال أحد أن المادة 95 أتت في سياق سلّة اصلاحات أساسية تضمنها الدستور كتشكيل مجلس للشيوخ، وإقرار اللامركزية الادارية، أتت جميعها في إطار “رزمة (صفقة) كاملة”، بما يضمن تجاوز الإنتماء الطائفي ويفتح الطريق أمام الدولة المدنية الفاعلة اقتصاديا، والعادلة اجتماعيا، والحاضنة لجميع أبنائها كأفراد متساوين في الحقوق والواجبات.
وقضت “المادة 95” بالتالي:
“على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسحيين إتخاذ الإجراءات الملائمة لإلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضم بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية وإجتماعية.
مهمة الهيئة دراسة وإقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلس النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية”.
مضى على إقرار الدستور ثلاثون عاما، ولم ترَ معظم الاصلاحات التي أوصى بها النور. إذ بقيت عالقة في شباك نظام المحاصصة الذي لا يزال حصناً منيعاً حتى اليوم، على الرغم من فشله الذريع على المستويين الاقتصادي والسياسي على حد سواء. فنظام المحاصصة كان السبب الاساس في ما آلت اليه الامور من فساد، وكساد، وبطالة، وانتهاك للسيادة الوطنية.
مخرجات العمل
- انطلاقا مما توصلت اليه ورش العمل من منطلقات، كلّف ملتقى التأثير المدني فريقا بحثيا من أساتذة وباحثين من كل من الجامعة الاميركية في بيروت والجامعة اليسوعية بإدارة د. مكرم رباح، العمل على الأبحاث الضرورية في كل ما يتعلق بالطائفية والغاء الطائفية في لبنان.
- إنتاج المكتبة الرقمية Annotated Bibliography التي تتضمن كل ما نشر في التاريخ المعاصر عن الطائفية والمادة 95 : في الصحافة، والجامعات اللبنانية، والندوات الثقافية. كما زوّدت بنظام معلومات رقمي قادر على تحديد الوثيقة والمؤلِف وفق حاجات البحث. لتصّفح المكتبة الرقمية إضغط هنا
بناءً على خلاصات الحوارات المفتوحة والطاولات الحوارية التي عقدها ملتقى التأثير المدني مع المكونات الأساسية في المجتمع المدني وخاصة هيئات ومنظمات مدنية ونقابات المهن الحرة، الغرف الإقتصادية والتجارية، البلديات، وإتحادات الطلبة في الجامعات، أطلق الملتقى عام 2019 مبادرة “المادة 95- إلغاء الطائفية”، وذلك للدفع قدما في آليات الضغط لإطلاق عجلة تنفيذ المادة 95 من الدستور.
استكمل الملتقى ثلاث طاولات مستديرة تركز البحث فيها على كل ما يتعلق بالدستور، وأهمية الغاء المادة 95، وصولا الى قيام دولة مدنية-زمنية يكون فيها اللبنانييون متساوين بغض النظر عن الطائفة التي ينتمون اليها وعددها.
⦁ ورشة العمل الأولى – 22 آذار 2019
حضر الورشة عدد من الناشطين والمهتمين، نذكر منهم السادة محمد مطر، ناجي أبي عاصي، ابرهيم شمس الدين، أديب نعمة، منى فياض، اوغاريت يونان. أما المداولات فركزت على أهمية عدم التلاعب بالدستور وما يحصل حاليا من تفريغ للمؤسسات الدستورية من دورها، وعلى التواطؤ الضمني بين القوى السياسية لابقاء الوضع على حاله خدمةً لمصالحها.
⦁ ورشة العمل الثانية – 2 نيسان 2019
حضر الورشة عدد من الناشطين والمهتمين، نذكر منهم السادة حارث سليمان، انطوان قربان، أحمد مروّة، نزار يونس، سعيد صناديقي. وقد ركزت المداولات على أن لا حلّ للوضع المزري في لبنان الا في قيام دولة مدنية-زمنية، وعلى ضرورة عدم الفصل بين الغاء الطائفية ومحاربة الفساد
⦁ ورشة العمل الثالثة – 3 أيار 2019
حضر الورشة عدد من الناشطين والمهتمين، نذكر منهم السادة نزار يونس، ابرهيم شمس الدين، زياد عبد الصمد، جمانة الهبر.
المداولات ركزت على أن النظام الطائفي هو اداة السلطة المتحكمة للسيطرة على الدولة والمجتمع، وعلى ان القوى الاقتصادية وليس فقط الطائفية باتت تحدد مسارات وقرارات سياسية كثيرة.
عقد الملتقى ورشتي عمل، تولى اختصاصيون إدارتها، في نقاط الالتقاء والاختلاف حول المحاور التالية:
“المادة 95 والدينيون” – 16 تشرين الاول 2019
ورشة العمل التي حضرها حشد كبير من رجال الدين من معظم الطوائف، ومن المهتمين، ركزت على الأسئلة التالية:
- معنى أن تكون دينيا “دينيًا” في لبنان؟
- المادة 95: ضمانة توازن أم عصا في دولاب تطوير النظام؟
- هل من خريطة طريق يرتضيها الدينيون للمباشرة بتطبيق المادة 95 من الدستور اللبناني؟
“المادة 95 والأثر الاقتصادي والاجتماعي” – 23 تشرين الاول 2019
الورشة التي عقدت بعد أيام من اندلاع ثورة 17 تشرين 2019، بحثت في:
- انعكاس الغاء الطائفية على الوضع الاقتصادي من حيث تمكين المهارات بغض النظر عن الحصص الطائفية.
- دور مختلف المؤسسات الإقتصادية (الصناعة، والإنتاج الحرفي، والزراعة، والتجارة، والسياحة: الثقافية والدينية والترفيهية)، والدينية، ومدى تأثيرها على القرار.
وبغية خلق دينامية جديدة تواكب الاصلاح المنشود، وتضع نصب الاعين نموذجا لما يجب أن تكون عليه “الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية” التي نصّت عليها المادة 95 من الدستور، وفي إطار النشاطات المتعلقة بمبادرة “المادة 95 والغاء الطائفية”، شارك ملتقى التأثير المدني في الورشة التي نظمها “المركز الدولي لعلوم الانسان” تحت عنوان “تطبيق المادة 95 من الدستور اللبناني”، وذلك بتاريخ 28/9/2019 في مقر المركز في جبيل. وقد كان لكل من عضوي مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني د. نزار يونس ود. منير يحيى، مداخلة في الورشة التي أعدت المؤسسة اللبنانية للإرسال تقريرًا إخباريًا عنها:
التصوّر العام للهيئة الأهلية لإلغاء الطائفية السياسية، دورها ومهامها:
استكمالا للمخطط التنفيذي المرفق بمبادرة “المادة 95 والغاء الطائفية“، يسعى “ملتقى التأثير المدني” الى تشكيل هيئة أهلية للعمل على تطبيق ما تنص عليه المادة، وذلك بغية خلق دينامية جديدة تواكب الاصلاح المنشود، وتضع نصب الاعين نموذجا لما يجب أن تكون عليه “الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية” التي نصّ عليها الدستور.
الهدف: تهدف الهيئة الى:
إيجاد نموذج حيّ لما يجب أن تكون عليه “الهيئة الوطنية” المنصوص عليها في المادة 95 من الدستور، بما تتضمنه من معايير وآليات عمل تضمن سير عملها، وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
وضع الأسس، وتحديد الآليات لالغاء الطائفية السياسية تمهيدا الى الغاء الطائفية، وفصل الدين عن الدولة، وبناء دولة المواطنة.
وضع خريطة طريق لإلغاء الطائفية، وذلك وفق النتائج المحققة من خلال الخطوات المبيّنة أعلاه، وتحديدا مسوّددة المنطلقات والمفاهيم، والمكتبة المرقمة، وورش العمل، والآليات القانونية.
المهمة: تقوم الهيئة بوضع خريطة الطريق التي تُفصِّل مراحل التنفيذ على المستويات كافة
(سياسي، اقتصادي، اداري، اجتماعي، تربوي)، ووفق جدول زمني يرسم بوضوح المسؤوليات والمتطلبات.
الأعضاء: تتألف الهيئة من شخصيات سياسية، واقتصادية، وأكاديمية، وثقافية مشهود لها، على
ان تتمتع وأعضاؤها بالمواصفات التالية:
*مناقبية أخلاقية عالية للأعضاء بحيث أن حاضرهم لا يخجل من ماضيهم
*التوازن الجندري في الاعضاء بين الرجال والنساء
*التوازن العمري، بحيث يكون الفرق في عمر الاعضاء في خدمة الهيئة وأهدافها
* الحرص على تمثيل واسع لمختلف القطاعات الاجتماعية والمهنية
*الحرص على تمثيل لبنان بتنوعه الجغرافي، والمناطقي
*استعداد الاعضاء للإلتزام من حيث الوقت والجهد المطلوبين