المدن - لبنان بقلم وليد حسين

11 تموز 2020

في ظل المراوحة التي تعيشها مجموعات 17 تشرين، وعدم الإقدام على تشكيل جبهات موحدة لطرح حلول للانهيار المالي والاقتصادي في لبنان، تستعد مجموعات وشخصيات ناشطة في انتفاضة 17 تشرين لإطلاق جبهة وطنية معارضة ووضع برنامج انقاذي واستعادة ثقة الداخل والخارج بإمكانية انتشال لبنان من الهاوية التي سقط فيها، وخصوصاً في ظل الفقر الذي بات يهدد معظم اللبنانيين، والتأكيد على أن “الثورة التي انطلقت في تشرين ما زالت مستمرة”.

أرث سابق يتجدد
وسيعلن عن تأسيس هذه الجبهة في الأيام القليلة المقبلة، وتضم مجموعات ناشطة في انتفاضة تشرين من جميع المناطق اللبنانية، وشخصيات نقابية واقتصادية وأصحاب مهن حرة وسفراء سابقين وضباطاً متقاعدين ومدراء عامين سابقين وفنانين، من مشارب سياسية وفئات اجتماعية مختلفة، ويتم التواصل مع كل مكونات “تشرين” لإعادة الزخم إلى الشارع وإطلاق برنامج سياسي إنقاذي للبنان، ينطلق من الأساس التي انتفض من أجلها اللبنانيّون.
وحول هذه التجربة، روى الناشط السياسي الدكتور منير يحيى، خلفيات هذه الجبهة التي تسمى “الجبهة المدنية الوطنية”. وهي تقوم على أرث طويل من الحوارات والنقاشات ومجموعات عمل بدأت منذ العام 2016 بين ممثلين عن نقابات المهن الحرة، من مهندسين ومحامين وأطباء وصيادلة، وممثلين عن الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني وطلاب جامعات وبلديات وفانين… وهؤلاء تلاقوا وعقدوا نقاشات وحوارات لاستشراف ما هو مقبل عليه لبنان من أزمات خطيرة ومستقبل مظلم. واستكملوا نشاطهم مع اندلاع انتفاضة تشرين، وطرحوا أفكاراً وحلولاً وأولويات لمعالجة الأزمات التي يعاني منها لبنان.

لعل المعوق الأساسي الذي يعاني منه لبنان لتطوره هو الطائفية وعدم تطبيق المادة 95 من الدستور، والفساد والهدر وغياب الحوكمة، كما خلصت النقاشات السابقة. لكن مع الانهيار المالي والاقتصادي الحاليين والأزمة المعيشية الخانقة، بات لبنان مهدد ببقائه. من هنا ترى الجبهة أن الأولوية لبقاء لبنان وطرح حلول عملية للأزمة الحالية، كما قال.

توحيد مطالب الثورة
يرى المبادرون لتشكيل الجبهة أنها خطوة فعلية لتوحيد مطالب الثورة وجهود المجموعات كافة على قاعدة التوافق على المبادئ العامة. وتطرح الجبهة خمس عناوين أساسية لمعضلة البلد، مثل تشكيل حكومة مستقلة فعلياً ولها صلاحيات موسعة، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق نظام انتخابي عادل، واستعادة الأموال المنهوبة، واستقلالية القضاء، وحوكمة النظام اللبناني.

وهذه مبادئ تجمع عليها مجموعات الثورة، رغم أن هناك مجموعات قد تريد الذهاب يساراً أكثر أو يميناً أكثر، وهناك من هو مقرب من حزب الله أو من هو ضد الحزب وسلاحه، أو من هو مع خصخصة القطاع العام من عدمه، وفق يحيى. لكن الجبهة ترى أن الأولوية لبقاء لبنان كي يختلف الجميع حوله. وبالتالي تلتزم الجبهة موضوع حياد لبنان عن صراعات المنطقة، وعلى سيادته وتطبيق القرارات الدولية وإعلان بعبدا.

توجهات الجبهة العقائدية
في ظل الازمة المالية والانهيار الحاصل بات معظم اللبنانيين مهددين بالفقر المدقع. وفي ظل الحصار الحالي، وفقدان الخارج الثقة بقدرة اللبنانيين على معالجة الأزمات، كيف تقارب الجبهة هذه الأمور؟

هي جبهة وطنية لا يمين ولا يسار، يقول يحي. وهي ليست نخبوية، بل تضم مجموعات ناشطة على الأرض وشخصيات تمتلك رؤية في الاقتصاد والسياسة. جبهة للعمل على بقاء لبنان الذي بات مهددا ببقائه بفعل ما يمر به من صراعات خارجية ومن تحديات داخلية وصراع اجتماعي (طبقي) يوجب العمل لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتأسيس بنية اقتصادية منتجة صناعيا وزراعيا.

ووفق يحيى شملت النقاشات والحوارات مقاربات لكل الأزمات التي يعاني منها البلد. وطرحت كل القضايا السياسية والأزمة المالية والاقتصادية بشكل مفصل وبمقاربات مختلفة. ولدينا حلول سريعة لكل المعضلات لإخراج لبنان بأسرع وقت من المشكلات الحالية. فعلى سبيل المثال هناك دراسات حول كل ملف الفساد في قطاع الكهرباء. وبتنا نعلم كيف صرف كل قرش من الـ45 مليار دولاراً على الكهرباء، وأين تكدست الأموال ومن نهبها. ونستطيع خلال ستة أشهر تأمين الكهرباء 22 ساعة في اليوم، ومن دون اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، كما قال.

ضد سياسات الخداع
هل تطرح الجبهة نفسها كبديل لحل معضلات لبنان؟

يقول يحي إن هناك قوى سياسية أفلست لبنان خلال السنوات العشر السابقة، وتآذار الخداع في الداخل وفي الخارج. يقولون إنهم وضعوا خطة لإصلاح الكهرباء. ولكن تبين من خلال تعين ست أعضاء في مجلس إدارة كهربار لبنان أنهم يخدعون الرأي العام. لم يعينوا رئيس مجلس إدارة كي يبقوا على ذات الشخص الذي كان بمثابة المفتاح لتمرير كل الفساد في قطاع الكهرباء خلال العشرين سنة الماضية.

وتنطلق المجموعات من كل هذا الإرث الحواري والدراسات كي يكون منطلقاً لهذه الجبهة. هناك حوارات دائمة ومستمرة بين جميع مكونات الثورة. لكنها ما زالت في طور النقاش ولم تقدم على فكرة بناء جبهة، بفعل الخلافات التي تنشأ بينها. بينما الجبهة التي نحن بصدد إطلاقها تخطت هذه الصراعات وتطرح نفسها كبديل ولاستعادة الأمل البنانيين، كما قال يحيى.

ثقة الخارج والداخل
كيف سيتم الأمر؟
وفق يحيى، ستعمل الجبهة، على المستوى الداخلي لاستعادة الأمل لدى للبنانيين في التغيير وحماية مستقبلهم. وعلى المستوى الخارجي عبر استعادة الثقة، وارسال رسالة واضحة للمجتمع الدولي أن اللبنانيين يعلمون ماذا يريدون ولديهم حلول لمشاكلهم.
والجبهة قادرة على إعادة ثقة الخارج بلبنان لما تضمه من مكونات وشخصيات تحظى بثقة عالية داخليا وخارجياً. لكن بشرط تشكيل حكومة مستقلة وغير خاضعة لأي من القوى السياسية الحالية ولها صلاحيات استثنائية.