المدن

13 حزيران 2020

في إطار البحث عن ضرورة قيام جبهة مدنية وطنية موحدة ترسّخ المطالب التي أطلقتها “ثورة 17 تشرين”، عقد ملتقى التأثير المدني لقاءه الإلكتروني الثامن ضم مجموعة من الخبراء والناشطين المدنيين، بحثوا سبل توطيد القيم المشتركة لكل الأوراق والمشاريع الاصلاحية التي صدرت عن المجموعات المعارضة في الفترة الأخيرة، من أجل قطع الطريق أمام محاولات إحباط الثورة.
وتوقّف المجتمعون ملياً عند انجازات الثورة، فأكدوا أنها استطاعت أن تسقط الحكومة والتسوية الرئاسية وبالتالي تفكيك المنظومة السياسية إلى أكثر جبهة متنافرة وهذا يُحسب للثورة. كما توقف المجتمعون عند مشهدين أساسيين في البلد، أشارا بشكل جليّ إلى مدى انهيار الطبقة السياسية بلبنان في مقابل تثبيت أحقية الثورة ومطالبها:

المشهد الأولى تجلّى بالتعيينات التي هُرّبت داخل الحكومة، والتي عكست منطق المحاصصة واللاكفاءة في اختيار الأشخاص، فيما المشهد الثاني “المبكي” اتخذ شكل تغريدات وتراشق افتراضي بين أهل السلطة على وقع صرخات الجوع والفقر القياسية بين صفوف اللبنانيين، وسط تصارع غير مسؤول بين هذه الأحزاب.

واعتبر المجتمعون أن الجو العام يؤكد أنّ لا إمكانية لتراجع الثوار، وعليهم أن يتحملوا مسؤولية قدرهم ويبنوا مستقبلهم بيدهم، داعين إلى ضرورة انطلاق العمل التنظيمي والتأكيد على ثوابت الثورة والاجندة التي وضعتها، وعلى رأسها تشكيل حكومة مستقلة ثم الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة لإعادة إنتاج السلطة، والدفاع عن الحريات بشكل عام، وحرية الرأي والتعبير، والتأكيد على الثوابت السيادية، من خلال تحويل مبدأ “النأي بالنفس” الذي ورد في وثيقة بعبدا، الى بند دستوري ملزم لجميع الأطراف في الداخل، والتأكيد على أن تكون الجبهة في اتجاه قيام الدولة المدنية، والتأكيد على دستور الطائف والالتزام ببنوده، والاقرار بأنّ أي عملية اصلاح يجب أن تمرّ من خلال مندرجاته القانونية.

وأصدروا توصيات لضرورة تنظيم الثورة من داخلها ومن خلال مبادرات تصب كلها في هدف موحد، هو تنظيم ائتلاف أو جبهة سياسية شاملة تسير مع الثورة ومع الثوار، ولا تختصر أحداً وإنما تكون جزءاً منهم. ووضع سقف زمني لاطلاق هذه الجبهة، لأن السقف الزمني هو الدافع الحقيقي من أجل تحويل الكلام الى خطوات عملية وجدية. وتركيز الجبهة على هدف رئيسي واضح وقابل للتحقيق (تغيير السلطة) وفي الوقت نفسه تبني أهداف ثانوية أخرى يجري التركيز عليها وتجزئتها وترسم أولوياتها. والترفّع عن المصالح الحزبية والفئوية الضيقة، بغية تشكيل نواة لهذه الجبهة تتفق على ورقة سياسية مبدئية يكون مضمونها soft، يتوسع انتشارها وتتمكّن من ضمّ أكبر قدر ممكن من المجموعات والأفراد. ووضع معايير لهذه الجبهة، تحمل مضموناً سياسياً صلباً، قادر على الصمود أبعد من مسألة الانتخابات النيابية، بسبب ما يختزن اللبنانيون في ذاكرتهم من سوابق محبِطة وتجارب مقيتة من الجبهات الانتخابية اليتيمة. وضرورة العمل من أجل إقناع المواطنين بأهمية التغيير في صفوف السلطة وشرح آليات هذا التغيير (الانتخابات)، لأنّ الناخب لا يختار مرشحه في الغالب بموجب برنامج، وإنما على أسس حزبية أو يختار المرشح لشخصه حصراً. والاتفاق على معايير وآليات موحدّة ومحدّدة، لاختيار المرشحين القادرين على محاكاة تطلعات الناخبين. والعودة الى المشهد السياسي العام، من خلال السعي الجدّي للدخول في صلب جبهة المعارضة، وعدم ترك ساحاتها للأحزاب التقليدية التي هي أصلاً جزءاً من هذه السلطة.