اللقاء الالكتروني الخامس: "الفساد وإعصار الكهرباء المقبل"
الأربعاء 20 أيار 2020
د. منير يحي: العضو في مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني
يوسف الزين: العضو في مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني
بيان صحافي
بعد تشريح الخطة الاقتصادية التي طرحتها الحكومة، ومكامن الفساد في كل من قطاع الاتصالات، وقطاع النفايات، وكازينو لبنان، في اللقاء الالكتروني الذي عُقد في 13 ايار 2020 تحت عنوان “الخطة الاقتصادية والفساد“، ها هو ملتقى التأثير المدني يفنّد بالحقائق والارقام الفساد في قطاع الطاقة وذلك في اللقاء الالكتروني الذي عُقد عند الرابعة من الاربعاء 20 ايار 2020، بعنوان “الفساد وإعصار الكهرباء المقبل”، بمشاركة أكثر من 90 من الناشطين، والخبراء الاقتصاديين، والاجتماعيين، والأكاديميين، والاعلاميين، والمهتمين، على رأسهم الخبراء الدوليون في مجال الطاقة د. جمال الصغير، د. سليم عابد، والسيد عاطف الدبس اضافة الى د. منير يحيى العضو في مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني. وقد تركز النقاش على الهدر والفساد في قطاع الطاقة حيث استعرض الحاضرون واقع الكهرباء في لبنان وتعامل الحكومات المتعاقبة معه، بما فيها الحكومة الحالية التي اقرت أخيرا مذكّرة تفاهم غير شفافة لتطوير مشاريع الطاقة في لبنان. هذه المذكّرة التي تّم الالتفاف حولها لاسيما في ما يتعلق بمعمل سلعاتا، وذلك من خلال دراسة المفاضلة التي قدمها وزير الطاقة التابع للتيار السياسيي الذي يسوّق لمعمل سلعاتا رابطا بينه وبين بناء معمل الزهراني، أمام لجنة المتابعة لمؤتمر سيدر، خلافا لقرار الحكومة باستبعاد بناء معمل سلعاتا. ولا تقلّ فضيحة الفيول المغشوش الأخيرة والاستمرار بالعقد مع شركة سوناطراك فداحة عن كل الارتكابات التي يقوم بها وزراء الطاقة المتعاقبون والحكومات المتعاقبة. كما لفت المشاركون الى أننا لسنا كما تسوّق الحكومة، في مرحلة مفاوضات مع صندوق النقد، بل في المرحلة التي يقوم فيها الصندوق باستكشاف الارقام الحقيقية والتقييم. ولا شك أن الصندوق سيستهدف الاصلاح في قطاع الكهرباء عندما يكشف مدى الفساد والهدر فيه. ومعيب أن تكتفي الخطة الاقتصادية بمجرد مقطع قصير عن الكهرباء، بينما تركز على ما يمكن اعتباره بنودا تسويقية ظنا منها أنها ستستجلب المانحين الدوليين.
تكاليف الفساد في قطاع الكهرباء على اقتصاد لبنان، بالحقائق والأرقام:
في الحقائق:
– يشكل القطاع أحد أبرز مداخيل التمويل للأحزاب في لبنان منذ 1993. فالكهرباء قطاع ذو قدرة استثمارية وكلفة تشغيلية عاليتين جدا، ما يفتح المجال أمام الكثير من العقود التي يمكن أن يستفيد منها الفرقاء السياسيون الذين بدّوا مصالحهم السياسية والمالية على حساب حيوية وانتاجية القطاع.
– يقوم قطاع الطاقة على اربع مكوّنات أساسية: تقني، مالي، هيكلي-مؤسساتي، قانوني. فالكهرباء ليست انتاجا فقط، وما التركيز في لبنان على مكوّن الانتاج التقني، الا السبب في “انهيار” قطاع الكهرباء.
– الفساد في قطاع الكهرباء هو على 3 مستويات:
• اولا، على صعيد شراء الفيول، والاستمرار في استخدامه.
• على صعيد العقود التعاقدية وعقود الصيانة، وطريقة نصّها وتنفيذها والاطراف المستفيدة.
• على صعيد بناء الشبكات والمحطات بما في ذلك التواطؤ مع القطاع الخاص. (على سبيل المثال، الدولة ستدفع في مشروع “هوا عكار” للمشغّل وهو من القطاع الخاص 9.4 سنت للكيلووات، بينما المعدل العالمي للسعر هو 4 سنت، و3 سنت في المنطقة).
– تعتبر شركة كهرباء لبنان من أسوأ المشغلين لهذا القطاع في المنطقة ككل، وعلى كل المستويات.
– الفشل الإداري المتمثل في وجود 3 أعضاء فقط من أصل 7، وتكليف موظفين من الفئة الثالثة بالقيام بمهام مدراء الفئة الثانية، مثالان صارخان على عدم احترام العمل المؤسساتي وغياب معايير الحوكمة السليمة.
– منع انشاء الهيئة الناظمة ذات الدور المحوري في ترخيص وتوجيه ومراقبة الشراكة في الإنتاج بين القطاعين العام والخاص وفقا للقانون 462، وحصر التفاوض والتعاقد بوزارة الطاقة، يقطع الطريق أمام قيام استراتيجية متكاملة تنهض بالقطاع وتضمن استدامته. علما ان القانون 181/2011 أعطى وزارة الطاقة 1.2 مليار دولارلتبدأ بخطة 2010 للكهرباء في مقابل تعيين مجلس إدارة في غضون 3 أشهر، وهيئة ناظمة في غضون 6 أشهر.
– تحويل معمل دير عمار 2 المزمع انشاؤه من عقد بناء الى عقد شراكة بسحر ساحر، ودونما اجراء مناقصات جديدة وفق الأصول القانونية بحجة التسريع في التنفيذ، يشي بمدى خطورة التجاوزات القانونية التي تآذار، خصوصا بعد مرور سنتين من دون البدء بالتنفيذ.
– مقارنة تكلفة الكهرباء المنتجة عبر البواخر مع تلك المنتجة عبر المعامل ليس سوى اخفاء للحقائق وتضليل للراي العام. ففي تكلفة الكيلووات ساعة المنتج في المعامل تدخل كلفة المعمل وصيانته واستدامته، بينما لا تدخل مثل هذه الامور في التكلفة المحسوبة للبواخر.
– التعمية على اهمية الطاقة المتجددة التي تفسح في المجال امام اعتماد الانتاج الموزّع، يحول دون العمل على إمكانية تغطية كل المناطق فوق 400 متر بالطاقة الشمسية في غضون 6-9 أشهر وبالتالي إراحة شبكة الانتاج من الضغط.
– لا مشكلة سيولة في لبنان بل مشكلة في إدارة السيولة، وفي التمكّن من النفاذ من الثغرات الموجود في القوانين غير المحدّثة منذ ستينات القرن الماضي.
– المطلوب تدقيق حسابي تشريحي Forensic Audit، لكافة العقود في قطاع الطاقة، مدى السنوات العشر الاخيرة.
في الأرقام:
– 4% من اجمالي الناتج القومي هي تكلفة تمويل قطاع الكهرباء. حيث يتم منح ملياري دولار سنويا لشركة الكهرباء التي تنتج 50% فقط من التيار الكهربائي الذي يستفيد منه المواطنون.
– 40 الى 45 مليار دولار استنفد قطاع الكهرباء من الموازنة العامة، أي ما يوازي نحو 42% من الدين العام. وذلك بعدما كانت شركة كهرباء لبنان تنتج فائضا سنويا سمح لها بتمويل بناء معاملها قبل 1975:
• 8 مليار دولار هي قيمة الخسائر على امتداد السنوات الـ 25 المنصرمة بسبب اعتماد نصف معامل الإنتاج في لبنان على المازوت بدل الفيول اويل، والتي لم تحاول أي من الحكومات المتعاقبة على وقف استخدامه.
• مليار دولارتكلفة البواخر حتى اليوم، والتي كان يمكن الافادة منها لبناء معامل مستدامة.
• 400 مليون دولار هدر، بسبب امتداد بناء معامل الدَوران السريع على مدى 4 سنوات، علما أن أحد أبرز شروط مثل هذه المعامل التنفيذ السريع مقابل التكلفة الاعلى.
• 8 مليارات دولار لمعمل ديرعمار الذي لم يُبن منذ اقرار بنائه عام 2013، والذي ظلّ موضع خلاف طيلة 7 سنوات الى أن تم تلزيمه بعقد BOT قيمته 2.2 مليار دولار، من دون أي مناقصة وفي أقل من 3 أسابيع.
• مليار دولار استثمارات اضافية في النقل لبناء شبكة كهربائية ظلت 15 سنة غير شغالة.
• 2 – 3 مليار دولار، خسائر غير تقنية في التوزيع الكهربائي في السنوات العشر الاخيرة.
• 1 مليار دولار هي خسائر عدم الجباية والمتأخرات في الاشهر الـ 18 الاخيرة: مقسّمة الى 750 مليون دولار فواتير غير مجباة، وأكثر من 300 مليون دولار فواتير متأخرة.
• 1 مليار دولار هدرت بسبب عدم تنفيذ مشروع العدّادات الذكية كما كان مقررا منذ عام 2016.
• 2 – 3 مليار دولار القيمة التراكمية لعقود تشغيل اليد العاملة.
• 700 مليون دولار من أصل ما تجنيه شركة الكهرباء، يُهدرون على عقود صيانة المعامل التي ترسو على الوكيل نفسه طيلة السنوات الـ 15 الاخيرة.
– 37% فقط هو الفارق بين التكلفة والفاتورة المجباة، فيما نسبة الهدر الاجمالي تصل الى %48.
في مذكّرة التفاهم لتطوير مشاريع الطاقة، التي أقرتها الحكومة أخيرا:
– تقوم على التفاوض بين الدولة اللبنانية وشركة، وليس من دولة الى دولة.
– تنصّ على وجوب تقديم الشركة العارضة الدعم، وتدبير وتنفيذ عملية التمويل من خلال مؤسسات تمويل دولية أو مصارف إنمائية وتجارية. فهل هو تمويل من دولة أم تجاري؟
– عمليا، سيكون هناك 4 شركات عارضة، على أن يكون وزير الطاقة المفوّض لانهاء المفاوضات معها، وتوقيع عقد بالتراضي مع الشركة المتفق معها.
– لماذا حصر التفاوض بوزير الطاقة، علما أن الوضع الاقتصادي والمالي الذي يؤخذ به حجة لمذكرة التفاهم والعقود بالتراضي، يستوجب أن يكون وزيرا المال والعدل طرفين أساسيين في التفاوض؟
– ثمة تجاوز لقانوني الـ PPP والمجلس الاعلى للخصخصة، عبر اعتماد تنفيذ العقود من خلال EPC & F او DBO، وفي كلا الحالين هناك تمويل الذي يعتبر شكلا من أشكال الـ BOT.
– مدة تنفيذ المذكّرة 6 أشهر قابلة للتمديد، اي ما هو كافٍ لاجراء مناقصة شفافة، فلماذا اذاً الذهاب الى مذكرة تفاهم وعقود بالتراضي؟
– المذكّرة تؤدي الى عقود تصل قيمتها بالحد الادنى الى 1 مليار دولار، وبالحد الاقصى الى 5 مليارات دولار. كما تتضمن هذه العقود عقودا باطنية تتراوح قيمتها بين 300 و400 مليون دولار سنويا في مرحلة الانشاء، ونحو 80 مليون دولار سنويا للتشغيل.
– مجرد إجراء العقود بالتراضي، هو مدخل أساسي للهدر والفساد حيث تسقط العناوين الواهية والمبررات.
أجمع المشاركون على ألاّ اقتصاد من دون تغذية كهربائية ذات نوعية جيدة وبأقل تكلفة، وعلى ألاّ مرحلة انتقالية في إنعاش قطاع الكهرباء الا من خلال الحوكمة وخروج القطاع من القبضة السياسية. كما أجمعوا على ألا مكافحة للفساد من دون معاقبة المسؤولين عنه والمستفيدين منه. في الختام، استثمار من دون اصلاح، هدر وفساد، انهيار كهربائي، وانهيار مالي – وطني عام.