اللقاء الالكتروني الثاني عشر بعنوان: "أركان الثورة"

الاربعاء 8 تموز 2020
أبرز المداخلات
فيصل الخليل: العضو في مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني
الفنان بديع أبو شقرا
المهندس فادي خوري
رجل الاعمال فادي نحاس 
المخرج فوزي كلش
المهندس غسان عطيّة
الرسّام حيدر حيدر
د. حارث سليمان
رجل الأعمال جاك إكمكجي 
د. محمد المجذوب
المهندسة الزراعية نادين خوري
المهندس الاستشاري رامي خوري
رجل الأعمال ريكاردو حصري
د. سامي نادر

بيان صحافي

عقد ملتقى التأثير المدني لقاءه الالكتروني الثاني عشر، تحت عنوان “أركان الثورة“، وضمّ مجموعة من المتخصصين والنقابيين الفاعلين في ثورة “17 تشرين الأول“. فلهؤلاء تجربة رائدة في العمل النضالي، تشكّل رأس حربة في الدفاع عن الحريات وحقوق الأفراد، وكذلك بلورة الهوية اللبنانية. ولأنّ تبادل الأفكار وخلق مساحة نقاش مفتوحة أمر مهم لتكثيف الجهود من أجل تشكيل “جبهة مدنية وطنية” داعمة لأهداف الثورة، كان لأعضاء هذه النقابات حيز كبير ومحوري في النقاش الذي توقف عند تطلعاتها والتحديات الداهمة التي واجهتها.
في البداية، توقف المجتمعون عند المهرجان الموسيقي الكبير الذي أُقيم في “معبد باخوس” في قلعة بعلبك، فخلصوا إلى أنّ المشهدية قبل أيام، أفرزت لدى الرأي العام اللبناني قراءتين:
مجموعة اعتبرتها متشائمة، تشبه الفرقة الموسيقية التي عزفت على متن سفينة “تايتنيك” أثناء غرقها، فيما رأت المجموعة الأخرى فيها وجه لبنان الحضاري الذي سيكون خلاصه على يد “مَن هم خارج هذه السلطة”. المجتمعون أكدوا أيضاً من خلال هذه المشهدية، على أن المسؤولية الملقاة على عاتق القطاعات كلها، كبيرة مشبّهين الأمر بالـ “أوركسترا” حيث لكل لاعب فيها وظيفته المحددة التي يؤديها من أجل تقديم “لحن جميل”، داعين أنفسهم إلى عدم “الغرق” في وهم حتمية توحيد المجموعات كلها ضمن الثورة، وإنما التأكيد على مراكمة الجهود وتوحيدها لخلق “الجبهة” التي ربما يتفق أعضاؤها ولو على الحد الأدنى على البرنامج، لكن الأكيد أن موافقتهم مطلقة على سائر قيم الثورة.
في الوقائع والحقائق، أجمع مشاركون عن القطاعات على النقاط التالية:
الفنانون والممثلون: كشفوا أنّ تحركهم خلال الثورة كان عفوياً جداً وغير منظم في البداية. انطلق من مبادرات فردية تلقائية، ثم شعروا بحجم التأثير الذي فرضوه على الرأي العام بسبب محبة الناس لهم. هذا الأمر دفع بهم إلى تشكيل “تجمع الفنانين” ثم التوجه إلى تلفزيون لبنان. بعدها، تتالت الخطوات التنظيمية المدفوعة بحرص الفنانين على مشاركة الجميع والتنسيق وتبادل الآراء. يعترف الفنانون أنّ تأثير تحركهم في الثورة كان أكثر من المتوقع، رغم الخطر الذي يهدد أعمالهم، لكنهم قرروا أن “لا عودة إلى الوراء”. من الصعاب التي واجهت تحركهم، الفشل في الضغط على “نقابة الممثلين” من أجل فرض المزيد من التكتل. فالطابع الرسمي وعلاقة النقابة بمؤسسات الدولة ووزاراتها دفع بالنقابة وجسمها النقابي إلى التريث وعدم زجّها في تحركات الثورة بشكل مباشر. كما أن خوفَ بعض الفنانين من الانخراط في الثورة، لأسباب تخصّ سمعتهم أو تطلعات جمهورهم ومصير أعمالهم، كلها أمور دفعت صوب عدم خلق نقابة بديلة، لأن ذلك كان سيؤثر على النقابة وعملها، ولن يفيد الثورة بالقدر المتوخى والمطلوب.

– المزارعون والمهندسون الزراعيون: أكدوا أنّ لبنان منذ زمن بعيد بلد زراعي، لكنّ المشكلة أنّ أحداً لم يُقِم وزناً لتأثير الزراعة في الاقتصاد، فيما اليوم بات الجميع يتحدثون عن الزراعة بحرص وشغف، مذكّرين بأنّ الزراعة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، بل هي علمٌ وتخصصٌ قائمان بذاتهما. وبعدما ذكّروا بأنّ الاختصاصات الزراعية موجودة في 5 جامعات لبنانية، أكدوا أنّ القطاعات تتكامل مع بعضها البعض، فالسياحة مثلاً (من مأكل ومشرب في المطاعم) تتكامل مع الزراعة، مستنتجين أن الهوية اللبنانية ككل باتت في خطر وليس لقمة عيش اللبنانيين فحسب. كما اعتبروا أنّ المشكلة تكمن في أنّ المستلزمات الزراعية كلها مستوردة، فبدل توزيع المساعدات على الناس، حريّ بالسلطة أن تساعد الناس على الاستثمار في الزراعة، لأنّها “جزء من هوية لبنان” وحافزه نحو التقدم والتغيير، خصوصاً أنّ لبنان يمتاز بتنوع الأراضي والمناخات، وهذا قادر على دفع الحلّ قدماً من ضمن خطة جدية. وأخيراً، ذكّروا بأنّ عدد المزارعين اللبنانيين قليل، وأصغر مزارع خمسيني، سائلين عن كيفية استئناف العمل في الزراعة في ظل ظروف كهذه؟ وداعين إلى تكاتف الوزارات كلها من اقتصاد وزراعة وخارجية لمساعدتهم من خلال رسم سياسات زراعية حكومية تساهم في تحصين الأمن الغذائي.

– نقابة المهندسين: ممثلو النقابة شرحوا في مستهلّ النقاش واقع نقابتهم، فأكدوا أنّ ثمّة 55 ألف مهندس مسجلون في النقابة، يحقّ لـ45 ألف منهم الاقتراع، لكن مشاركة المهندسين في العملية الانتخابية لا تتخطى الـ20% فقط، وهذا لا يفيد الثورة اطلاقاً. كما كشفوا عن نجاح 18 مجموعة داعمة للثورة في تشكيل لائحة واحدة ستخوض الانتخابات في نقابة-بيروت باسم الثورة على غرار نقابة المحامين، الامر الذي لم يتحقق حتى الآن في طرابلس. وأكدوا على دور المهندسين والنقابة في مساندة الثورة، من خلال مراقبة المخالفات في الكسارات والأبنية. فكلّ هذه المجالات تُدخل “المهندس” في صلب عملها وفي مجال حصول هذه المشاريع على الرخص والخرائط. وبالتالي فإنّ استرجاع المراكز الرقابية الخاصة بالنقابة والمهندسين، أمر ملحّ، لأن العمل الثوي لا يتوقف على السياسة فحسب. فالنقابة قادرة أن تلعب دوراً أساسياً في لعبة المعايير ودفاتر الشروط في المناقصات، ولهذا فإنّ النقابة مطالبة بخلق دور جديد لها.

– الشركات الخاصة ونقابة محترفي الحماية والسلامة في لبنان: اعتبر ممثلوها أنّ ثورتهم بدأت في “18 تشرين الأول” بعدما شاهدوا الناس ثائرة في الساحات. هذا الأمر دفع بهم نحو التواصل والتنسيق في مجال الاعمال، للبحث عن حلول واقتراحات لاستشعارهم بوادر طول أمد الأزمة. ممثلو الشركات كشفوا أنّ إعادة فتح المصارف أبوابها بعد الاعتصامات وجّه ضربة قوية لتحركهم، ونسف تحركات دامت قرابة 3 أسابيع من الاضراب والافقال دعماً للثورة. فالجميع في المجتمع يرى في قطاع المصارف “رأس المسبحة” نظراً لأهميته في لبنان، وحينما تخلّى هذا القطاع عن التحرّك “قُطعت المسبحة” وانفرط التكاتف، ثم غاب التشاور والحوار حول كيفية استمرار الثورة وبلوغ أهدافها، وبات كل فريق يعمل على حماية قطاعه الخاص، وعندها وقع التضارب بين القطاعات والشقاق.

في التوصيات، أجمع المشاركون على النقاط التالية:
– ضرورة التأكيد أنّ المؤسسات والنقابات ممر إلزامي للتغيير، وذلك من خلال إيصال كفاءات وأشخاص يشبهون الثورة والثوار، وأنّ الانتخابات النقايبة فرصة ذهبية لإعادة إحياء الاستفتاء الشعبي على مستوى النقابات بداية، ثم الاستفادة من هذه التجارب وتعميمها على سائر الانتخابات الاخرى، أكانت بلدية أم نيابية، من أجل فك الارتباط الوثيق والمتجذّر بفعل مآذارات الماضي، بينها وبين أركان السلطة وأحزابها.
– التأكيد على أنّ أقصر طريق للتغيير هو المشاركة الكثيفة في أي انتخابات لأنّ أكثر الناس الرافضين للواقع هم المقاطعون، فالكثافة في عدد المقترعين قادرة على ضخّ دم جديد في المؤسسات والنقابات، وهذا سيعطي نَفَساً إيجابياً لدى الناس على المستويات كافة.
– الثورة هدفها “بناء وطن” وهي ليست موجهة ضد أفراد محدّدين في السلطة، هي تستهدف كل بيئة غير حاضنة للإنماء والتغيير نحو الأفضل. كما أنّ محاولة خلق جبهة اقتصادية تضم القطاعات كافة تدعم بعضها وتتشابك وتتكاتف، هي هدف رئيس قادر على خلق بيئة اقتصادية تشاركية بين الجهات المواجهة للسلطة كافة.
– التذكير بأنّ ذروة الثورة ظهرت خلال العرض المدني عشية “عيد الاستقلال” في ساحة الشهداء، فالجهد التنظيمي الذي بُذل في حينه، وضع الثورة في ذروتها. وقد تمثل الشعب اللبناني بكل أطيافه وقطاعاته في ذاك اليوم. ورغم قلّة عدد المشاركين نسبياً في هذا العرض، فإنّ العامل التنظيمي استطاع أن يُسيطر على المشهد بشكل كبير، وهذا يؤكد أهمية التنظيم ويحتّم اعتماده في أي تحرك ثوري.
– الدعوة إلى دعم وحماية قطاعات الزراعة والصناعة من خلال الضغط من أجل إقرار خطط حكومية راعية، فإذا علمنا أنّ 75% من الاقتصاد مبني على شركات العائلات، فيمكن الاستنتاج سريعاً بأن انهيار اقتصاد هذه الشركات يعني انهيار اقتصاد البلد كاملاً، وبالتالي لا بدّ من التمّسك بكامل القطاعات… فلا سياحة بلا زراعة ولا زراعة بلا صناعة والعكس صحيح.